سأفزع إلى رحمتك عند إخفاق الأماني ، و أبثّك شكوى أحزاني أنا التي تراني طروبةً طيارة ، و أحصي لك الأثقال التي قوّست كتفي و حنت رأسي منذُ فجر أيامي أنا التي أسير بجناحين متوجةً بإكليل . و سأدعوك أبي و أمي متهيبةً فيك سطوة الكبير و تأثير الآمر ، و سأدعوك قومي و عشيرتي ، أنا التي تعلم أن هؤلاء ليسو دوماً بالمحبين . و سأدعوك أخي و صديقي ، أنا التي لا أخ لي ولا صديق . و سأُطلعك على ضعفي و احتياجي للمعونة ، أنا التي تتخيل فيّ قوة الأبطال و مناعة الصناديد . و سأبيّن لك افتقاري إلى العطف و الحنان ، ثم أبكي أمامك و أنت لا تدري . و سأطلبُ منك الرأي و النصيحة عند ارتباك فكري و اشتباك السبل . و إذ أسيءُ التصرف و أرتكب ذنباً ما سأسير إليك متواضعة واجفة في انتظار التعنيف و العقوبة . و قد أتعمّد الخطأ لأفوز بسخطك عليّ فأتوب على يدك و أمتثل لأمرك . و سأُصلح نفسي تحت رقابتك المعنوية مقدمة لك عن أعمالي حساباً لأحصل على التحبيذ منك أو الاستنكار ، فأسعدُ في الحالين . و سأُوقفك على حقيقة ما يُنسبُ إليّ من آثام ، فتكون لي وحدك الحكم المنصف . و ما يحسبه الناس لي فضلاً و حسنات سأبسطه أمامك فنبهني إلى الغلط فيه و السهو و النقصان. ستقوّمني و تسامحني و تشجعني ، و تحتقر المتحاملين و المتطاولين لأنك تقرأُ الحقيقة منقوشة على لوح جناني . كما أُكذّب أنا وشاية منافسيك و بُهتان حاسديك ولا أُصدق سوى نظرتي فيك و هي أبرُّ شاهد . كل ذلك و أنت لا تعلم ! سأستعيدُ ذكرك متكلماً في خلوتي لأسمع منك حكاية غمومك و أطماعك و آمالك . حكاية البشر المتجمعة في فرد أحد . و سأتسمّع إلى جميع الأصوات عليّ أعثر على لهجة صوتك. و اشرِّح جميع الأفكار و امتدح الصائب من الآراء ليتعاظم تقديري لآرائك و فكرك . و سأتبين في جميع الوجوه صور التعبير و المعنى لأعلم كم هي شاحبة تافهة لأنها ليست صور تعبيرك ومعناك . و سأبتسم في المرآة ابتسامتك . في حضورك سأتحولُ عنك إلى نفسي لأفكر فيك ، و في غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك . سأتصورك عليلاً لأشفيك ، مصاباً لأعزيك ، مطروداً مرذولاً لأكون لك وطناً و أهل وطن ، سجيناً لأشهدك بأي تهور يجازف الإخلاص ، ثم أُبصرك متفوقاً فريداً لأفاخر بك و أركن إليك . و سأتخيلُ ألف ألف مرة كيف أنت تطرب ، و كيف تشتاق ، و كيف تحزن ، و كيف تتغلب على عاديّ الانفعال برزانة و شهامة لتستلم ببسالة و حرارة إلى الانفعال النبيل ، و سأتخيل ألف ألف مرة إلى أي درجة تستطيع أنت أن تقسو ، و إلى أي درجة تستطيع أنت أن ترفق لأعرف إلى أي درجة تستطيع أنت أن تحب . و في أعماق نفسي يتصاعد الشكر لك بخوراً لأنك أوحيتَ إليّ ما عجز دونه الآخرون . أتعلم ذلك ، أنت الذي لا تعلم ؟ أتعلم ذلك ، أنت الذي لا أريد أن تعلم . مي زيادة
اقتباسات أخرى للمؤلف