طه حسين
وكذلك أخفق سفير معاوية كما أخفق سفير عليّ من قبل، واستبان لأهل الشام كما استبان لأهل العراق أن ليس من الحرب بُدّ. يرى أهل الشام أن يثأروا للخليفة المظلوم، ويرى أهل العراق ومن معهم من المهاجرين والأنصار أن يُكرهوا أهل الشام على البيعة والطاعة قبل كل شيء. ويرى أهل الشام أن طاعة عليّ لا تلزمهم، لأن الناس لم يبايعوه عن رضى منهم جميعاً ولأنه عطل حدّاً خطيراً من حدود الله، وهو القصاص ممن قتل الخليفة المظلوم. ويرى أهل العراق ومن معهم من المهاجرين والأنصار أن كثرة المسلمين الضخمة قد بايعت عليّاً في الحرمَيْن والمصرِيْن وفي مصر أيضاً، فأصبحت طاعته واجبة وأصبح أهل الشام طائفةً باغية يجب أن تُقاتَل حتى تفيء إلى أمر الله. ولم يأت شهر ذي الحجة من سنة ست وثلاثين حتى كان عليّ قد قدّم طلائعه بين يديه وأمرهم إن لقوا أهل الشام ألاّ يبدءوهم بقتال حتى يدركهم، وسار هو في معظم جيشه حتى انتهى وانتهت طلائعه إلى صِفِّين بعد خطوب كثيرة لسنا في حاجةٍ إلى أن نُطيل بذكرها. طه حسين
اقتباسات أخرى للمؤلف