طه حسين
وهل كانت توجد الحضارة اليونانية التي أنشأت سقراط أو أرسطاطاليس ، والتي أنشأت إسكولوس و سوفكليس ، والتي أنشأت فدياس و بيركليس لو لم توجد البداوة اليونانية التي سيطر عليها شعر هوميروس وخلفائه ؟ ! وهل كانت توجد الحضارة الإسلامية ، التي ظهر فيها من ظهر من الخلفاء والعلماء وأفذاذ الرجال ، لو لم توجد البداوة العربية ، التي سيطر عليها امرؤ القيس والنابغة والأعشى وزهير وغيرهم من هؤلاء الشعراء الذين نبخسهم أقدارهم ولا نعرف لهم حقهم ؟ ! غير أن هناك فرقًا عظيمًا بين بداوة العرب وبداوة اليونان : بداوة العرب أثرت في العرب وفي الحضارة الإسلامية ، ولم تجاوز الحضارة الإسلامية إلا قليلًا . وإذن ، فشعراء الجاهلية العربية عرب لا أكثر ولا أقل . أما بداوة اليونان ، فقد أثرت في اليونان ، وأثرت في الرومان ، وأثرت في العرب ، وأثرت في الإنسانية القديمة والمتوسطة ، وهي تؤثر الآن في الإنسانية الحديثة ، وستؤثر فيها إلى ما شاء الله ، وإذن فشعراء البداوة اليونانية يونان ، ولكنهم مِلْكٌ للإنسانية كلها . طه حسين
اقتباسات أخرى للمؤلف