كل حضارةٍ بالغةً تفقٍدُ دقة التذوقّ، تفقد معها أسبابَ بقائها، والتذوُق ليس قِواماً للآداب والفنون وحدها، بل هو أيضاً قِوامٌ لكل عِلْم وصناعةٍ، على اختلاف بابات ذلك كُلّه وتباين أنواعه وضروبه. وكُلّ حضارة نَامية تريدُ أن تفرضَ وجودها، وتبلغ تمامَ تكوينها، إذا لم تستقلّ بتذوٌقٍ حساسٍ حادًّ نافذٍ، تختص به وتنفرد، لم يكن لإرادتها في فرض وجودها معنىً يعُقل، بل تكادُ هذه الإرادة أن تكون ضرباً من التوهٌم والأحلام لا خير فيه. فحسنُ التذوّق، يعني سلامة العقل، والنفس والقلب من الآفات، فهو لُبٌ الحضارة وقِوامُها، لأنه أيضاً قِوام الإنسان العاقل المدرك الذي تقوم به الحضارة. محمود محمد شاكر
اقتباسات أخرى للمؤلف