يا من أمرهم دينهم بالجهاد حتى يفتحوا العالم ، ويهدوا البشر إلى دينهم ، فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم ، وفتنهم عن دينهم! يامن حكم أجدادهم بالحق أقطار الأرض ، وحُكموا هم بالباطل فى ديارهم وأوطانهم! يامن باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة ، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة ، ولذائذ حياة ذليلة! يا أيها الناس: مالكم نسيتم دينكم ، وتركتم عزتكم ، وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ، وحسبتم أن العزة للمشركين ، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ؟ يا ويحكم! أما يؤلمكم ويشجى نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطو على أرضكم التى سقاها بالدماء آباؤكم ويذلكم ويتعبكم وأنتم كنتم سادة الدنيا ؟ أما يهز قلوبكم وينمى حماستكم ، أن إخواناً لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف !؟ أما فى البلد عربى ؟ أما فى البلد مسلم ؟ أما فى البلد إنسان ؟ العربى ينصر العربى ، والمسلم يعين المسلم ، والإنسان يرحم الإنسان .. فمن لا يهب لنصرة فلسطين لا يكون عربياً ولا مسلماً ولا إنساناً! أفتأكلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب ، ويخوضون النار ، وينامون على الجمر ؟ يا أيها الناس .. إنها قد دارت رحى الحرب ، ونادى منادى الجهاد ، وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب ، فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل ، يا نساء بعمائم ولحى! أو لا فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها ... يا ناس! أتدرون مم صنعت هذه اللجم والقيود ؟ لقد صنعهتا النساء من شعورهن ، لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها ، يساعدن به فلسطين .. هذه والله ضفائر المخدرات ، التى لم تكن تبصرها عين الشمس ، صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى ، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة ، الحرب فى سبيل الله ، وفى سبيل الأرض والعرض ، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها ، فخذوها فاجعلوها ذوانب لكم وضفائر ... إنها من شعور النساء ، ألم يبق فى نفوسكم شعور ... !! وألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس ، وصرخ : تصدعى أيتها القبة ، ميدى يا عمد المسجد ، انقضى يا رجوم ، لقد أضاع الرجال رجولتهم! علي الطنطاوي
اقتباسات أخرى للمؤلف