غازي القصيبي
لا يكاد يوجد في أعمالنا اليومية عمل واحد لا يتطلب ثقة كبيرة، و عمياء أحيانا، في الآخرين. نحن نركب الحافلة لأننا نثق في قدرة السائق على تجنب الحوادث ونسافر بالطائرة واثقين من خبرة الطيّار ومهارته. ونأكل في المطاعم واثقين أنّ الطّباخ لم يدسّ لنا السم في الدسم. و نطلب رأي الأطباء واثقين أنهم لن يغشونا. و هلّم جرّا. وماذا سيحدث لي لو فقدت ثقتي في الناس؟ لن أخرج من داري خوفا من المجرمين. و لن أقرأ كتابا لأني أخشى أن يكون مليئا بالأكاذيب. ولن أشرب الماء خوفا من إهمال الموظفين في مصلحة المياه. و لن أتزوج حتّى لا تسبب لي امرأة الصداع الدائم. ولن أنجب حتى لا تجيء المشاكل مع الأولاد. باختصار شديد، سوف تتوقف حياتي. وماذا سيحدث للعالم لو تطايرت الثقة من نفوس البشر؟ سوف يتحول إلى غابة من الوحوش يبيد بعضها بعضا حتى لا يبقى أحد. ستنتهي الحضارة ثم تنتهي الحياة نفسها. العالم الذي يدور بسبب الحب، كما تقول العبارة الشهيرة، سوف يتوقف عن حركته مع غياب الحب. حسنا! إذا راودك سوء الظن في أحد، أو في شيء، فحاول جهدك أن لا تستسلم لهذا الشعور السلبي. حاول أن تتصور القشعريرة التي ستصاب بها في ليلة مظلمة فقدت نجومها الثقة بنجومها . غازي عبد الرحمن القصيبي
اقتباسات أخرى للمؤلف