سار قليلاً قبل ان يصوب الرشاش إلى ظهره، ثم تدوي الطلقات المتتابعة ويسقط معروف على ركبتيه ورأسه بين كفيه، ثم تعجز ركبتاه فيهوي على وجهه.. كان يبدو في وضعه ذاك كأنه حفار حيل بينه وبين أن ينقب أعماق الأرض، فانحنى يشمها.. كأنه طير قصت أجنحته فسقط.. كأنه جرادة منهكة بعد رحلة قاسية سقطت ميتة على شاطئ جاف يابس. وفي مساء ذلك اليوم كان جسد معروف ما زال ملقى في وسط الطريق بنفس تلك الصورة.. وحينما غربت الشمس حملته سيارة مع أجساد أخرى واتجهت خارج المدينة... ولقد تيسر لصديقه بعد يومين أن يرى ساعته وقلمه مع موظف قال أنه اشتراها، أما جسد معروف فلقد دفن في حفرة واحدة مع أجساد كثيرة اضطجعت كما قال الحفار كتفاً إلى كتف. ولفت نظر الحفار جسد هزيل قصير لشاب قتلته بضعة رصاصات في ظهره، كان الجسد يرفض أن يستوي مع بقية الأجساد، كان منحنياً، مرتاحاً على ركبتيه وجبهته، ولقد اضطر أخيراً لدفنه على تلك الشالة، كأنه يصلي.
اقتباسات أخرى للمؤلف