محمود درويش
ولكنَّ مافيه من وفاء لارتباط الإطار والفكرة حال دون ذهابه بالخيبة إلى منتهاها؛ إلى استبدال الإطار والأداة بما هو أكثر توازنًا وانسجامًا. كان شديد الخيبة من المؤسسة وشديد الالتحام بها. ليس في وسع رجل مثلي - قال - أن يغّير جلده، لا خوفًا من إرهاب المؤسسة، بل خوفًا من انهيار أحد عناصر التوازن. فلا أعتبر نفسي - سواء أكنت في هذا التنظيم أم في ذاك - خادمًا لفكرة فلسطين وشعبها، دون أن أقبل الانسياق في صراع التنظيمات وفي خداع تبعية بعضها، وهي لا تشملني، إلى هذا النظام أوذاك. كان يسيّج نفسه ويميُّزها بالجناح المطلق من الفكرة. كان يخشى أن يؤدي أيُّ تعديل في إطاره إلى الطعن في صدق تاريخه وفي حرارة تضحيته، لأن الاعتراض - في غياب الوطن والمجتمع وما يبلورانه من سُلم قيمٍ - قابٌل للشك والتشكيك الشائعين في حروب كلام لا تضبطها ضوابط أخلاقية ووطنية.
اقتباسات أخرى للمؤلف