طه حسين
وكذلك كان الفتح مصدر قُوة ومصدر ضعف للدولة الجديدة في وقت واحد. كان مصدر قوة، لأنه بسط سلطانها ومَدّ ظلها على أقطار كثيرة من الأرض. وكان مصدر ضعف لأنه أخضع لها كثرة من الناس لا يؤمنون بها وإنما يخافون منها ويرهبون سطوتها. وكان مصدر قوة لأنه جبي لها كثيراً من المال الذي لم يكن يخطر لها على بال. وكان مصدر ضعف لأن هذا المال أيقظ منافع كانت نائمة، ونبّه مأرب كانت غافلة، ولفت إليه نفوساً كانت لا تفكر إلاّ في الدين. ثم خلق حاجات لم تكن معروفة ولا مألوفة. أظهر للعرب فنوناً من الترف وخَفْض العيش فأغراهم بها ودعاهم إليها، ثم عوّدهم إياها، ثم أخذهم بها أخذاً، إلاَّ قلة قليلة جدّاً استأثر الدين بها من دون الدنيا، وشغلها التفكير في الله عن التفكير في المال والمنافع والحاجات. طه حسين
اقتباسات أخرى للمؤلف