طه حسين
إن أفلاطون يرى في هذا العالم المحسوس طائفة من الظواهر التي لا وجود لها بنفسها ، وإنما هي صادرة عن عالم آخر هو عالم الحقائق الخالدة . ومن هنا كانت درجات العلم ثلاثًا ، فكان هناك العلم بهذه المحسوسات أو بهذه الظواهر ، وهذا العلم هو أحقر أنواع العلم ؛ لأنه ظن يتغير ويتبدل بتغير موضوعاته وتبدلها . وكان هناك علم آخر أرقى من هذا العلم الأول ، وهو العلم بالأشياء العامة ، التي تنتزعها النفس من هذه الشخصيات المتغيرة المتبدلة ، هو العلم بالأجناس والأنواع ، هو العلم بالكليات والقضايا العامة التي ليست هي شخصيات متغيرة أو متبدلة . وهذا العلم تكتسبه النفس اكتسابًا بملاحظة المحسوسات ومقارنتها والتفريق بينها : فهي تنتزع النوع الإنساني من أفراد الإنسان ، كما تنتزع جنس الحيوان من أنواع الحيوان وهلم جرًّا ثم كان هناك علم آخر ، هو العلم حقًّا ، وهو الفلسفة حقًّا ، وهو اليقين حقًّا . وهذا العلم هو العلم بتلك الحقائق الثابتة التي قلنا إنها خالدة لا تتغير ولا تتبدل .طه حسين
اقتباسات أخرى للمؤلف