مصطفى لطفي المنفلوطي
وشقاء ذينك البائسين المنكوبين عروة بن حزام وعفراء بنت عقال ومناصبة الدهر لهما وانقاطاع سبيله بهما حتى أصبحت زوجاً لغيره . واصبح بعدها هائما مختبلا يرمي بنفسه المرامي ويقذف بها في فجاج الارض ومخارمها، حتى بلغ منزلها ذات يوم فتنكر حتى زارها، وهو يظن أن زوجها لا يعلم من أمره إلا أنه أحد الأضياف الغرباء، فلما علم أنه يعرف حقيقته، وأنه على ذلك لا يتهمه ولا يتنكر له،عزم على الإنصراف حياء منه وقال لها: ياعفراء، أنت حظي من الدنيا، وقد ذهبت فذهبت دنياي بذهابك فما قيمة العيش من بعدك، وقد أجمل هذا الرجل عشرتي واحتمل لي ما لا يحتمله أحد لأحد حتى أستحييت منه، وإني راحل من هذا المكان، واني عالم أني راحل إلى منيتي، ومازال يبكي وتبكي حتى انصرف، فلما رحل نكس بعد صلاحه وتماسكه وأصابه غشي وخفقان، فكان كلما أغمي عليه ألقي على وجهه خماراً لعفراء كانت زودته إياه فيفيق، حتى بلغ حيه وأمسك عاماً كاملاً لا يسمع منه سامع كلمة ولا أنة حتى بلغ منه اليأس فسقط مريضاً، فمر بعض الناس فرآه مطرحا بجانب خبائه، فسأله عما به، فوضع يده على صدره وقال: ’’ كأن قطاة علقت بجناحها على كبدي من شدة الخفقان ’’ ثم شهق شهقة كانت نفسه فيها، فلما بلغ عفراء خبره قامت إلى زوجها وقالت: لقد كان من خبر ابن عمي ماكان، وقد مات في وبسببي ولا بد أن أندبه وأقيم مأتماً عليه، فقال افعلي، فما زالت تندبه ثلاثاً حتى ماتت في اليوم الرابع.مصطفي المنفلوطي
اقتباسات أخرى للمؤلف